دراسة جديدة لـ “آرثر دي ليتل” تسلّط الضوء على الركائز الأساسية لتطوير أنظمة صحية متقدمة لحالات الطوارئ تواكب متطلبات المستقبل
نشرت آرثر دي ليتل، شركة الاستشارات الإدارية الرائدة على مستوى العالم، تقريراً جديداً سلّطت فيه الضوء على أهمية تعزيز الأنظمة الصحية الخاصة بحالات الطوارئ ضمن المنظومة العامة لقطاع الرعاية الصحية، واستخدام التكنولوجيا من جانب الجهات المعنية والأنظمة ذات الصلة لزيادة الكفاءة وتأمين سرعة الوصول إلى الخدمات العلاجية. وبالنظر إلى أهمية جودة وكفاءة الرعاية الخاصة بحالات الطوارئ في تعزيز النتائج الإيجابية للمرضى وتحسين مستوى الاستفادة من القدرات الناشئة في تنظيم خدمات الرعاية، فإن بناء أنظمة رعاية صحية أكثر تكاملاً يُعد أمراً بالغ الأهمية لتلبية الاحتياجات المستقبلية لمنظومة الرعاية الصحية المتطورة. ويقدم خبراء آرثر دي ليتل في تقريرهم الأخير الذي حمل عنوان: “بناء الجيل القادم من أنظمة الرعاية في حالات الطوارئ: الركائز الأساسية لتطوير أنظمة رعاية صحية متقدمة لحالات الطوارئ تواكب متطلبات المستقبل“، رؤى عميقة ووجهات نظر متنوعة وأمثلة عديدة حول حالات الاستخدام البارزة لأنظمة الرعاية الخاصة بحالات الطوارئ إضافة إلى أفضل الممارسات المتّبَعة، مما يوفر للجهات المعنية وشبكات ومراكز الرعاية الصحية الرائدة على مستوى القطاع توصيات لبناء مثل هذه الأنظمة مع تسليط الضوء على عوامل التمكين الرئيسة.
وقال فيكاس خارباندا، الشريك المسؤول عن قطاع الرعاية الصحية وعلوم الحياة في آرثر دي ليتل الشرق الأوسط: “لا تزال المزايا والإمكانات التي قدمتها التكنولوجيا الحديثة تؤتي ثمارها في مجال الرعاية الصحية حول العالم حيث يستفيد المرضى والأطباء من اجراءات وخدمات محسّنة وأكثر فعالية. ولكن رغم التقدم الحاصل، لا تزال هناك حاجة لمزيد من الخطوات للارتقاء بجودة أنظمة الرعاية الصحية لحالات الطوارئ، ويتم التأكيد على هذه الحاجة من خلال التوقعات التي تشير إلى إمكانية حدوث نحو مليوني حالة طوارئ سنوياً، وهو سيناريو من المحتمل أن تبلوره على أرض الواقع ولا سيمّا في ضوء انتعاش الاقتصاد الإماراتي وبدء تعافيه من الجائحة وجاذبية الدولة كمكان مفضل للعيش ومزاولة الأعمال. فعلى الرغم من وجود العديد من القدرات الطبية القيمة والمشهودة في الأنظمة الحالية، إلا أن هناك أيضاً مستوى من عدم الترابط وانعدام التنسيق والمساءلة. وبكل تأكيد، سيشهد الطلب على مزيد من الكفاءة والفعالية نمواً مستمراً في المستقبل، وستكون الفترة القادمة فرصة لمعالجة نقاط الضعف هذه وضمان الاستدامة على المدى الطويل”.
وعلى مدار العقدين الماضيين فقط، شهدت منطقة الشرق الأوسط تفشي العديد من الأوبئة – مثل فيروسات سارس ، وإيبولا، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وكوفيد – 19، والتي أصبحت عالمية بشكل متزايد من حيث التأثير. بالإضافة إلى ذلك، فإن التنوع في سكان دبي، إلى جانب العدد الكبير من الزوار، يزيد العبء على النظام الصحي الخاص بحالات الطوارئ، إذ تستقبل دبي بالفعل أكثر من 15 مليون زائر دولي سنوياً، أي ما يعادل 4.8 زائر لكل مقيم – وهو أعلى معدل في جميع أنحاء العالم. علاوة على ذلك، فإن عدد الإصابات أعلى بنسبة 50٪ من متوسط الإصابات في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يساهم معرض إكسبو دبي 2020 في إحداث تأثير إيجابي أكبر على صعيد تشجيع النشاط السياحي والأنشطة المرتبطة بالأعمال، لذا من المتوقع أن يؤدي التدفق الكبير للسياح والزوار الى زيادة في احتمالية حدوث سيناريوهات الطوارئ، ما يزيد من الضغط على موارد الرعاية الصحية الحالية. وعلى المدى الطويل، سيكون سيناريو الضغط هذا حتمي ولا مفر منه إذا لم يتم اتخاذ خطوات استباقية لتعزيز النطام الصحي لحالات الطوارئ. وبحلول عام 2025، تشير التوقعات إلى أنه من المرجح أن تشهد إمارة دبي أكثر من مليوني حالة طوارئ سنوياً، وتعني هذه الإحصائية أن أقسام الطوارئ ستستقبل أكثر من 5500 زيارة يومياً على مستوى الدولة.
وقال سمير عمران، مدير اول في قطاع الرعاية الصحية وعلوم الحياة في آرثر دي ليتل الشرق الأوسط: “باتت عملية التغيير أكثر أهمية وإلحاحاً بالنسبة للحكومات والجهات المعنية التي تسعى إلى التعامل مع التحديات التي يشهدها العالم اليوم، وفي الوقت ذاته تعزيز الجهوزية لمواكبة متطلبات المستقبل. ونتيجة الزيادة المستمرة في الطلب على خدمات الرعاية الصحية بشكل عام، فإن النظام الصحي يجب أن يستمر في التطور والتحسن بما يضمن توفير خدمات رعاية طارئة عالية الجودة والكفاءة للجميع عندما يتطلب الأمر ذلك. وسيلعب الابتكار السريع في الخدمات والأتمتة والرقمنة وتحليلات البيانات دوراً محورياً في المساعدة على مواكبة التغيرات المتسارعة في مجال تقديم الرعاية في حالات الطوارئ”.
ويضم مجال الرعاية الصحية لحالات الطوارئ تحت مظلته الخدمات العلاجية الطارئة وإدارة الأزمات والحالات المرضية الخطرة، وتساعد العديد من الأفكار والابتكارات الناشئة حالياً على إحداث تحولات على مستوى منظومة تقديم خدمات الرعاية كما على مستوى النطاق الأوسع. ويشمل ذلك تمكين الأشخاص المتواجدون في محيط الأفراد الذين يتعرضون لحالات طارئة ، وتحويل سيارات الإسعاف لتصبح بمثابة الغرف الأولى لخدمات الطوارئ، واستخدام الذكاء الاصطناعي لدعم الإرسال، ودمج الأنظمة عبر سلسلة خدمات الرعاية لحالات الطوارئ – وكلها مجالات ستعيد تشكيل الركائز الأساسية لمشهد خدمات رعاية الطوارئ حول العالم بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط.
وكانت هيئة الصحة بدبي قد عملت خلال السنوات الأخيرة على توفير أنظمة رعاية ذكية ومتطورة وتوسيع مركز الطوارئ والصدمات في مستشفى راشد. وقد ساعد مشروع “سلامة” في ربط نظام السجلات الطبية الإلكترونية الخاص بهيئة الصحة بدبي مع سيارات الإسعاف من مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف. إضافة إلى ذلك، أشارت الهيئة إلى حجم النمو المستقبلي لسوق خدمات رعاية الطوارئ محلياً من خلال تقديرها الحاجة إلى 140 سريراً إضافياً للطوارئ بحلول عام 2025 و 210 أسرّة بحلول نهاية العقد – كما أطلقت تطبيقاً لتشخيص السكتات الدماغية والأمراض المتعلقة باحتشاء عضلة القلب، ما يسهل التواصل بشكل أسرع بين المسعفين والمستشفيات. ومن المؤكد أن حالات ونماذج الاستخدام هذه ستدفع نحو مزيد من التقدم والخطوات الجديدة في الوقت المناسب، مع عودة دبي للبروز كمركز سياحي واقتصادي هام، في أعقاب الاستثمارات البارزة التي ضختها والتي ساهمت في خلق فرص قيّمة لضمان وصول المقيمين والزوار الدوليين إلى خدمات رعاية طارئة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية. وبالمثل، شهدت المملكة العربية السعودية عدداً من المشاريع الناجحة لتحسين خدمات الرعاية الطارئة في المملكة، فقد أطلقت هيئة الهلال الأحمر السعودي تطبيق “أسعفني” الذي يتيح تلقي رسائل الاستغاثة من سكان الممكلة عبر الهواتف الذكية، مما يساهم في تسريع تزويدهم بخدمات الرعاية المطلوبة.
ويشرح التقرير الجديد لـ ” آرثر دي ليتل ” بالتفصيل الاعتبارات الرئيسة التي ينبغي مراعاتها قبل المباشرة في بناء نظام رعاية خاص بحالات الطوارئ ويتماشى مع المتطلبات المستقبلية. وتستكشف الدراسة مدى نضج النظام الحالي، وهيكلية رعاية المرضى، وقدرات الأشخاص الذين يتواجدون في محيط الأفراد الذين يتعرضون لحالات طارئة، ونماذج توزيع قسم الطوارئ، بالإضافة إلى المتطلبات الأخرى الخاصة بالموارد واللوائح القانونية. علاوة على ذلك، تقدم الدراسة خارطة طريق قيمة لدفع تنفيذ أنظمة الرعاية الجديدة لحالات الطوارئ، الخطوة التي ستدعم واحدة من المحاور الرئيسة للأجندة الوطنية لدولة الإمارات والمتمثلة في ضمان نظام صحي بمعايير عالمية.
واختتم خارباندا بالقول: “تشكل القيادة الداعمة، والتنسيق مع أصحاب المصلحة، وتبني التقنيات الناشئة، ومراقبة الأداء بعضاً من الأولويات الرئيسة التي يجب على الجهات المعنية بالقطاع الصحي مراعاتها عند البدء ببناء الأنظمة الجديدة الخاصة بالرعاية الطارئة. ومن خلال القيام بذلك، ستتمكن هذه الجهات من الإشراف على مشاريع ناجحة ووضع أسس متينة لأنظمة خدمات رعاية صحية عالمية المستوى يسهُل الوصول إليها خلال السنوات والعقود المقبلة”.
يمكن تنزيل نسخة كاملة من التقرير هنا.